كواعب أحمد البراهمي تكتب : طبائع البشرقال الله في كتابه الكريم ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما أكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا , ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته علي الذين من قبلنا , ربنا ولا تحملنا ما لاطاقة لنا به , وأعف عنا وأغفر لنا وأرحمنا أنت مولانا , فأنصرنا علي القوم الكافرين ) . صدق الله العظيم, والله سبحانه وتعالي وهو الخالق وهو من وجبت له الطاعة دون قيد أو شرط . وهو الذي قال وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون , إلا أنه سبحانه يعلم ضعف عبيده ويعلم عدم قدرتهم وعدم صبرهم .
فلم يكلفهم بما فوق طاقتهم لأنه روؤف رحيم . كل الفروض التي فرضها علي العبد اشترط لها قدرته علي القيام بها وما لم يستطيع القيام به فسبحانه تجاوز عن ذلك وغفر له .حتي الفرائض التي لا تسقط مثل الصلاة فجعلها قياما ومن لم يستطع فجلوسا ومن لم يستطع فممكن وهو نائم . حتي وصل لتحريك الأصبع أو العينين . وفريضة الحج قال لمن أستطاع إليه سبيلا . ومن عدله سبحانه ان يجازي السيئة بالسيئة والحسنه بالحسنة . ومن فضله قال يغفر لمن يشاء . ومن رحمته قال يبدل الله سيئاتهم حسنات . وقد كتب علي العرش ان رحمتي سبقت عدلي .
ولكن الغريب أن البشر أنفسهم يكلفون أنفسهم ويكلفون الآخرين مالا يطيقون . في كل شئ بداية من العمل المادي إلي الإنتهاء بالمشاعر إلي سلب الحقوق . فقد نري أن بعض أرباب الأعمال في كل مكان يكلفون العمال فوق طاقتهم . ونجد ان العاملين لا يستطيعون الرفض لانهم يخشون علي فقدان عملهم . ونجد ان الزوج يكلف زوجته أعمال فوق طاقتها وهي تعمل ذلك من أجل إرضاءه أو الزوجة تطلب من زوجها ما فوق طاقته ويعمل ذلك من أجل أرضائها وتلك أمثلة فقط .
أما من ناحية المشاعر فنجد أن الأشخاص يطلبون من غيرهم المحافظة علي علاقاتهم حتي ولو كانت أنتهت فعليا ويستندون في ذلك إلي دوافع كثيرة ليبررون مرادهم . أجمل شئ في الوجود الإخلاص والإخلاص ينبعث منه صدق التعبير . فلا ضرورة لتمثيل الحب علي أشخاص فقدوا حبنا فعلا ذلك ليس إخلاصا ذلك زيف . والدين نفسه برئ منه .وعلي سبيل المثال لا الحصر تنتهي العلاقات بين بعض الأزواج ولا يبقي منها غير الشكل الخارجي ومع ذلك يضغط كل منهم علي نفسه من أجل الحفاظ علي واجهة سليمة أمام المجتمع أو للأسرة أو خوفا من الإتهام بعدم الإخلاص . .
ونجد أن الغريب في ذلك انهم يعكسون الوضع ويتهمون من يريد إنهاء العلاقة الغير موجودة أصلا بأنه بعيد عن الدين . رغم أن الدين بسيط وسلس ولا يحمل البشر فوق ما يطيقون . رأيت بنفسي مشاعر مزيفة من بعض البشر من أجل الحفاظ علي كيان أسرة غير موجود فعلا. ربما لو تم مواجهة المشكلة لكان من الممكن حلها وممن الممكن أحياء تلك المشاعر دون ضغوط . أما سلب الحقوق فذلك قانون آخرمن صنع البشر غير منصوص عليه في القوانين الوضعية ولكنه شفاهة موضوع في بعض البلدان وفي بعض القري تحت أسماء كثيرة ولكنها تتحد في أن يحمل الإنسان فوق طاقتة من أجل إرضاء المجتمع .ومثال لذلك أيضا ميراث البنات في قري صعيد مصر .
ليس كل من يسكن بالقرية ويعيش فيها وإنما كثير جدا من يفعل ذلك . وهو حرمان البنت من جزء من ميراثها لصالح الأولاد الذكور . وفي ذلك يستعينون بكل الطرق علي قلب الحقائق والظلم منها أن الولد هو الذي يفتح منزل والده , ومنها أنها لو تم طلاقها أو ترملت ستعود عند هذا الأخ فتجد مالها موجود تحت يديه ( ولكن قد يحدث أن يكون طماعا فلا يتحملها ) وتعود فلا تجد شيئا رغم ان الدين قال كل عاقل بالغ رشيد حر في ماله لا وصاية عليه . – وكي لا نظلم أيضا بعضهم يخاف علي أخته من ان يقوم زوجها بسلبها هذا الميراث وبيعه وتعود خالية الوفاض أيضا – ومن أمثلة الضغط علي النفس وتحميلها فوق طاقتها أيضا أن يطلب الزوج من زوجته بيع بعض عقارها او حليها فتفعل ذلك خوفا من بطشه بها أو حياء لا تريد أن ترفض له طلبا .
وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام ) . حقيقة الموضوع كبير ومتشعب ولكني في النهاية أردت أن أقول لماذ الله رخص لنا . ولماذ نحن نضغط علي أنفسنا وعلي الآخرين ومن أجل من ؟ ؟ لماذا شخص يستمر في حياة لا يريدها خوفا من رأي الآخرين . وهو الوحيد الذي يعاني وهو الوحيد الذي يدفع من عمره سنوات في كل الأحوال لن تعود . ولما يتنازل شخص عن حق من حقوقه وهو في داخله لايريد هذا التنازل . لماذا يطلب شخص من شخص فوق مالا يطيق ويستجيب الآخر رغم ضغوطه علي نفسه . نريد قدرا من الحرية في داخلنا قدرا يجعلنا نتنسم راحة الرضا الحقيقي لا إظهار الرضا بما لا نريد بحجة الأعراف والتقاليد . فإذا خالفت الأعراف والتقاليد الدين كان الدين أولي وأحق أن يتبع .