هل قامت الثورة أم ستقوم؟الكاتب محمد سلماوى (منتديات نور الصباح )

قامت الثورة أم ستقوم؟الكاتب محمد سلماوى (منتديات نور الصباح )

قامت الثورة أم ستقوم؟الكاتب محمد سلماوى (منتديات نور الصباح )

فى بعض الأحيان أتساءل خلال متابعتى للأحداث: هل بالفعل حدثت ثورة فى مصر؟ صحيح أن مبارك لم يعد رئيساً، وأن الحزب الوطنى قد حُل وتم إيداع كبار رجال الدولة السجون، لكن التعريف الحقيقى للثورة يزيد بكثير على مجرد إقصاء الرئيس وإلهاء الناس بمحاكمة أعوانه، فالثورة تمثل نقلة نوعية من وضع متخلف إلى وضع متقدم، ومن ثم فهى تعتمد ليس فقط على هدم القديم وإنما تعتمد أكثر ما تعتمد على بناء الجديد، وهو ما لم يتم حتى الآن، فطوال سنة ونصف منذ اندلاع الثورة يوم 25 يناير 2011 شهدنا هدماً غير منظم لبعض جوانب النظام القديم وقد تم فى معظمه بشكل عشوائى متخبط حيث تنازل الرئيس عن الحكم لنائب تم تعيينه على عجل، ثم نحى النائب وآل الحكم إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم تحت إلحاح الجماهير تم تقديم الرئيس السابق ورجاله للمحاكمة، ثم تم الاستفتاء على تعديلات فى الدستور، وحين وافق الشعب عليها تم تنحية الدستور جانباً وصدر بدلاً منه إعلان دستورى،

وفى غيبة دستور حقيقى تمت إجراء انتخابات برلمانية وفق قانون معيب حُكم ببطلانه سابقاً مرة عام 1987، وأخرى عام 1990، ثم شكلت لجنة بائسة لكتابة دستور جديد سرعان ما حكمت المحكمة ببطلانها، فشكلت ثانية على نفس نهج الأولى، ووسط هذه الأجواء المضطربة والقرارات المتخبطة أجريت انتخابات لرئاسة الجمهورية أوصلتنا فى جولتها الثانية إلى اختيارين لا ثالث لهما: إما نظام مبارك وإما حكم الإخوان المسلمين، وتضاربت النتائج فصمتت اللجنة المختصة بإعلان النتيجة طوال أكثر من أسبوع اكتشفنا خلاله فجأة أن قانون الانتخابات البرلمانية كان معيباً، وأن المجلس النيابى الذى تشكل كان باطلاً، ثم حدثت اتصالات خارجية مكثفة فإذا بلجنة الانتخابات تكتشف أخيراً أن مرشح الإخوان هو الذى فاز فى انتخابات الرئاسة منذ البداية.

ومع ذلك فقد تنفسنا الصعداء، متصورين أننا انتهينا أخيراً من المرحلة الانتقالية المتخبطة وسنبدأ الآن عملية البناء التى طال انتظارها، فإذا بالرئيس الجديد بدلاً من أن يبدأ بتشكيل لجنة جديدة لكتابة الدستور على قواعد سليمة تضع الأساس الذى سيقوم عليه بناء الدولة المأمولة التى نادت بها الثورة، الدولة المدنية، دولة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، إذا به يولى وجهه شطر جماعته وعشيرته فيكون أول قراراته هو إعادتهم إلى المجلس النيابى الباطل الذى كان أضحوكة المجالس النيابية المصرية، التى لم تشهد من قبل نواباً يغيرون فى قسمهم ويرفعون الأذان ويتقدمون بمشاريع قوانين تسمح بمضاجعة الموتى وبختان الإناث وبالسماح بزواج الفتيات فى سن الـ12، بالإضافة لقانون الحرابة الذى يقضى بتقطيع الأيدى والأرجل.

فى الوقت نفسه ترك الرئيس الجديد جماعته وعشيرته يعكفون على كتابة دستورهم، دون مشاركة من ممثلى بقية فئات الشعب، فهل هذا هو ما قامت الثورة من أجله؟ إن ما يحدث الآن يتطلب قيام الثورة التى يبدو أنها لم تقم بعد، أو قامت ووئدت بواسطة دولة مبارك، من ناحية وحكم الإخوان من ناحية أخرى، فهل تقوم لها قائمة مرة أخرى؟!