ناصر شلبى Admin
عدد المساهمات : 604 تاريخ التسجيل : 24/06/2012 العمر : 65 الموقع : مصر
| موضوع: حكم طلاق المسحور فيه تفصيل بحسب حاله. الأربعاء يوليو 11, 2012 2:48 am | |
| د. آل سيف: حكم طلاق المسحور فيه تفصيل بحسب حاله.
أثير على بساط البحث حكم طلاق المسحور، هل يقع أم لا؟ من هنا اعتنت دراسة بحثية للدكتور: عبدالله بن مبارك بن عبد الله آل سيف ببحث ذلك الأمر في دراسة له بعنوان: " حكم طلاق المسحور في الفقه الإسلامي".
وبيّنت الدراسة أن طلاق المسحور مستقل بنفسه على وجه فريد ، لكن يشترك مع عدد من المسائل المشابهة في بعض الصور ، وأقرب المسائل شبهاً به : طلاق المكره ؛ لأنه مُكْرَهٌ من قبل الروح الماسَّة ، كما أنه مغلق على عقله، فهو شبيه بالغضبان والمدهوش والسكران من وجه آخر ، وقد يشبه المجنون والمعتوه في بعض حالات السحر الشديدة التي تسبب خللاً في العقل.
وأوضحت الدراسة أن ثمة صور وحالات للمسحور على الوجه الآتي:
الأولى : وهي الحالة التي يكون السحر فيها شديداً ، بحيث يفقد عقله فيكون حكمه كالمجنون ، وهذه الحالة ثابتة وواقعة ، وقد دل عليها قوله تعالى : } إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {.[البقرة :275]. أي : إلا قياما كقيام الذي يتخبطه ، والخبط الضرب بغير استواء ، كخبط العشواء وهو المصروع ، والمس الجنون ، وهنا لا يقع طلاقه في هذه الحال، والدليل على ذلك : الكتاب والسنة والإجماع ، أما الكتاب فقوله تعالى : } وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً { [الإسراء : 15]، ومما لا يشك فيه أن المجنون لا يعقل الخطاب الشرعي ، ولذا لايثبت له ثواب ولاعقاب، وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم : " رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتى يفيق ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن النائم حتى يستيقظ "، وأصح منه حديث بريدة في قصة ماعز رضي الله عنه : وفيه : فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أبه جنون؟" فأخبر أنه ليس بمجنون فقال : أشرب خمرا ؟ فقام رجل فاستنكهه ، فلم يجد منه ريح خمر "، ووجه الدلالة منه أنه أراد أن يتأكد أنه مكلف ، وليس به عارض من عوارض الأهلية، ولذا سأل هل شرب الخمر وهل به جنون ، فدل أن عوارض التكليف تؤثر في الأحكام والعقاب والثواب، وأما الإجماع فقد أجمع العلماء على رفع التكليف عنه ، وعلى عدم وقوع طلاقه كما حكاه ابن تيمية وغيره، وكلام العلماء في الجنون لم يفرق بين جنون بسبب المس أو غيره.
الثانية : وهي الحالة التي لا يكون السحر فيها شديداً ، بحيث يفقد عقله أحياناً ، ويفيق أحياناً ، فيكون حكمه كالمغمى عليه ، أو المجنون الذي يفيق أحياناً ، مكلف في حال إفاقته ، وغير مكلف في حال جنوه ، أو إغمائه،، وهنا لا يقع طلاقه في حال الصرع والجنون ، أما في حال الجنون فيأخذ حكم المجنون ؛ لأنه مجنون حقيقة وحكماً ، وقد أجمع العلماء كما سبق في الحالة الأولى على عدم تكليفه ، كما دلت النصوص السابقة الواردة في الحالة الأولى على ذلك، أما في حال إفاقته فهو مكلف مختار ، وكما ورد في الحديث السابق : (كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه)، إلا إذا أثر عليه السحر في اختياره فيكون من قبيل طلاق المكره وتأتي في الحالة الرابعة.
الثالثة : وهي الحالة التي يكون السحر ليس سحر تفريق ، ولم تصل الروح الماسَّة لدرجة العشق والغيرة من الزوجة فلا يؤثر السحر في تصرفاته مع زوجته .فهذا حكمه حكم الصحيح المكلف المختار ويقع طلاقه ، وهذا واقع ، ويعرف من حال الزوج وتصرفه مع أهله وأقاربه من أنه لا يُسْتَنْكر منه شيء ، حتى لو وجدت فيه علامات السحر ؛ لأن السحر ليس سحر تفريق ، بل سحر آخر ، ما لم يحصل عشق للبدن فحينئذ تكون من الحالة الربعة، ودليل وقوع طلاقه أنه مكلف مختار ، والأصل صحة طلاقه الواقع منه ما لم يرد عارض من عوارض الأهلية ، ولاعارض هنا ، وكما في الحديث السابق : (كل الطلاق جائز إلا طلاق ...) ، إلا إذا أثر عليه السحر في اختياره فيكون من قبيل طلاق المكره ، وتأتي في الحالة الرابعة ، أو تحولت الحالة لحالة عشق فيكون من الإكراه كذلك.
الرابعة : وهي الحالة التي يكون السحر فيها سحر تفريق ، أو وصلت الروحة الماسَّة (وخاصة إن كانت أنثى ) إلى درجة عشق الممسوس والغيرة من زوجته ، وصدرت منه تصرفات تجاه أهله تدل على بغض شديد وكراهية ، ثم صدر منه الطلاق بغير اختياره ففي هذا الحال تكون من نوع طلاق الإكراه وتأخذ حكمه ، لأنه لا يعقل ما يقول ، لكن في الحالة الثانية (حالة العشق ) يسمى طلاق الممسوس ، وليس المسحور ، وحكمهما واحد هنا، وقد نص الحنابلة على المسألة صراحة بأنها من نوع الإكراه ، وهو المذهب المشهور، وقد نص عليها ابن تيمية رحمه الله وتتابع الحنابلة على نقلها عنه وإقرارها، وممن نص عليها من الحنفية : إبراهيم بن أبي اليمن الحنفي مع أن مذهبهم عدم وقوع طلاق المكره ، فلعلهم جعلوه من قبيل الملجأ ، وهو الذي لا اختيار له ، أما غير الملجأ فقد ذهب الحنفية إلى وقوع طلاقه مطلقا، أما المالكية
والشافعية فلايرون وقوع طلاق المكره كما سبق، وبناء عليه يشبه أن يكون الحكم هنا محل اتفاق بين الأئمة الأربعة بعدم وقوع طلاق المسحور في هذه الحال ، وتقرير الإكراه في هذه الحالة يدل عليه أن الجان يتكلم على لسان الجان كما قد تقرر ، قال ابن تيمية رحمه الله :وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي . فقال : يا بني ، يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه، وإذا كان الجان يتكلم على لسانه فهو غير مكلف ولاينفذ طلاقه ، قياساً على ما لو طلق أخوه ، أو صديقه بغير إذنه فلا يقع بلا ريب ؛ لأنه في الحقيقة كأن الجان هو المُطَلِّق وليس الإنسي المسحور ، أو الممسوس.
الخامسة : أن يؤدي السحر لخطأ في اللفظ وسبق لسان يتراجع عنه بعد مدة ، مع علمه بالخطأ لكنه مجبر عليه من الروح الماسَّة ، وينكر أن يكون قصده ، ففي هذا الحال يكون حكمه حكم المخطئ والمكره ، ومثل هذه الحال موجودة. | |
|