الإخلاص سر من أسرار الله تعالى،
الإخلاص سر من أسرار الله تعالى، وعمل من أعمال القلوب بل هو في مقدمة الأعمال القلبية، لأن قبول الأعمال لا يتم إلا به.
والمقصود بالإخلاص: إرادة وجه الله تعالى بالعمل، وتصفيته من كل شوب ذاتي أو دنيوي، فلا ينبعث العمل إلا لله تعالى، غير مشوب برغبة للنفس، ظاهرة أو خفية.
وأساس إخلاص العمل تجريد النية فيه لله تعالى.
والإخلاص ضروري لكل عمل من أعمال الآخرة، وفي ذلك يقول الإمام أبو حامد الغزالي "قد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان، وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة، فالناس كلهم هلكى إلا العالمين ، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملين، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصين، والمخلصون على خطر عظيم، فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، وهو للنفاق كفاء، ومع العصيان سواء، والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء، وقد قال الله تعالى في كل عمل كان بإرادة غير الله مشوبا مغمورا قال تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا" "الفرقان: 23"
وقد أمر الله عباده بالإخلاص له، قال تعالى:"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" "البينة : 5"
ويأمر نبيه بأن يوضح:"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له"."الأنعام :162-163"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" "رواه مسلم"
فهو ينظر سبحانه إلى استقرار الإخلاص في القلوب، وإلى موافقة الأعمال لشرعه سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ويشدد الإسلام في طلب الإخلاص،ويؤكد على تجريد النية، وذلك لأن الحياة لا تستقيم ولا ترتقي إلا بالمخلصين، أما عبيد الدنيا وعشاق الثروة، فهم لا يبالون في سبيل دنياهم وشهواتهم أن يدمروا دنيا الآخرين ودينهم معا، وأن يحولوا العمار إلى خراب، والأحياء إلى أموات، والمنازل إلى قبور.
ويبعث على الإخلاص: العلم بأهميته وضرورته وثمراته في الدنيا والآخرة، وأن الله تعالى لا يقبل عملا إلا بإخلاص مهما تكن صورته.
كما يعين على الإخلاص صحبة أهل الإخلاص ومعايشتهم، وقراءة سير المخلصين، ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء، والدعاء والاستعانة بالله تعالى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله فيقول: "اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه"رواه الإمام أحمد
ومن دلائل الإخلاص: الخوف من الشهرة، واتهام النفس بالتقصير، العمل في صمت بعيدا عن الأضواء وألا يطلب المدح ولا يغتر به، واستواء العمل عنده في القيادة والجندية، وجعل الرضا والسخط لله لا للنفس، والصبر على طول الطريق والحرص على العمل الأنفع، والسلامة من آفة العجب والحذر من تزكية النفس.
ومن ثمرات الإخلاص:
- السكينة النفسية وانشراح الصدر وذلك لانحصار الهموم في هم واحد، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة""رواه ابن ماجة"
- والاستمرار في العمل، وذلك لأن الذي يعمل للناس يكف عن العمل إذا لم يجد ما يبغي وفي هذا يقول أحد الصالحين: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.
- تحويل العادات إلى عبادات وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إنك ما تنفق نفقة تبغي بها وجه الله تعالى إلا أثبت عليها، حتى اللقمة تضعها في في (أي فم) امرأتك""متفق عليه"
- إحراز ثواب العمل وإن لم يتمه أو لم يعمله، وفي ذلك يقول الله تعالى:
"ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، وكان الله غفورا رحيما"(النساء: 10)
لذلك ينبغي على المؤمن أن يبتغي وجه الله دائما وأن يكون الإخلاص شعاره، والنية الصالحة مسلكه