فيلسوف أمريكي مخضرم: الإخوان لم يخسروا كل شىء ..الإنقلاب لم يكسب أي شيء ولن يصمد .. مرسي سيعود بشرط إستمرار الحشد في تحليل له للاحداث الاخيرة في مصر، اكد أفرام نعوم تشومسكي المؤرخ المخضرم والناقد والناشط السياسي الامريكي، ان الإخوان ومن معهم لم يخسروا كل شىء ولم يكسب الانقلابيون بعد أى شىء، هذا هو الواقع، لا يزال الإسلاميون قادرين على الحشد بأعداد كبيرة وفى أماكن تغطى مصر، والعالم يرى ما يحدث لا ما يفرضه الانقلابيون على مؤيديهم كأمر واقع، حسب قوله.في محاولة منه للإجابة عن كشف من دبر الإنقلاب العسكرى ومن الذى أراد له أن يرتدى ثوب الثورة والمستفيد الاكبر من الانقلاب العسكري، أكد نعوم تشومسكي أن أطرافًا عديدة يبحثون عن مصالحهم لا عن مصلحة مصر اجتمعت نواياها وتوحدت أهدافها حول ضرورة إزاحة الإخوان .. أما الإخوان فسابقوا الزمن من أجل فرض أمر واقع لايمكن الانقلاب فى ظله ولكن سبقتهم أدوات الشر.
وأشار تشومسكي، في مقال له نشرته جريدة الشعب الجديد على موقعها الالكتروني اليوم، بعنوان “من يقف وراء ما يجري في مصر” أن جنرالات مبارك هم أنفسهم من انقلب على النظام الوليد، وهم من أخرجوا مبارك لأنهم لم يتفقوا مع الإخوان على صيغة للتفاهم، فالإخوان أرادوا أن تكون المميزات والهيبة للجيش المصرى وأراد الجنرالات الهيبة للمجلس العسكرى والفرق واضح.
وأوضح أن فكرة الانقلاب العسكرى مطروحة على مائدة العسكر من قبل أن يلقى عمر سليمان خطاب تخلى مبارك عن السلطة… لأن الجيش يملك مملكة اقتصادية كانت تحتمى فى الرئاسة التى حجبتها عن أعين الجميع لعقود متتالية، وخسارة العسكر لمؤسسة الرئاسة سيجعل الباب أمام الإخوان مفتوحا لرؤية كنز اقتصادى لو انتزع تدريجيا من الجيش سيساعد الإخوان على الأقل فى تنفيذ مشروعهم الاقتصادى دون التعرض لأزمات يعانى منها المصريون، وللأسف الشديد لم ينتظر العسكر كثيرا، وما تركو السلطة إلا لينتزعوها مرة أخرى، من خلال افتعال الازمات التى لايوجد أى شك فى أنها مفتعلة، واشتركت فيها منظمات ولوبى مبارك وخليجيون.
وفي البحث عن الدور الأمريكى أضاف تشومسكي أن هذا الانقلاب لم يكن ليحدث دون موافقة البيت الأبيض لأن الخلافات بين مرسى وأوباما أثبتت لأمريكا أن مصر لم تعد منطقة نفوذ أمريكى أو على الأقل كما كانت، فقد كان مبارك يتبع أسلوب السياسة الناعمة مع الغرب، وتعودوا منه على تلبية أى مطلب بما فيها التى تضر بالأمن القومى المصرى.
أما مرسى والذى لا ينتمى للمؤسسه العسكرية فلم يوافق على الجملة التى عرضت عليه ليقولها أثناء المؤتمر الذى كان سيعقد بينه وبين أوباما أثناء زيارته لأمريكا وهى (وستعمل مصر وأمريكا على إيجاد حلول لكى ينعم الشعبان الفلسطينى والإسرائيلى بالأمن الدائم والسلام الشامل)، والهدف من الجملة هو الضغط على مرسى فقط لذكر كلمة إسرائيل والتلفظ بها ولو مرة واحدة تكن اعترافا منه بدولة إسرائيل، وهو الذى ذكرهم بالقردة والخنازير فى عهد مبارك.
وأضاف .. هنا توترت العلاقات فى السر وبدأ كل طرف البحث عن حلول، اتجه مرسى إلى الصين وروسيا والهند وباكستان والبرازيل وألمانيا وفرنسا وبريطانيا بل وإيران، وبدأت الاتفاقيات العسكرية مع الهند، والاتفاقيات النووية مع روسيا، والصناعية مع البرازيل والصين، والزراعية مع السودان، وتقديم عروض زراعية أخرى لكثير من دول الأفارقة، وأدركت أمريكا أن سبل الضغط على مصر ستتلاشى تدريجيا إن لم يُبعد الإخوان عن الحكم دون سقوط الدولة واتخذت هذا الطريق، ودلل تشومسكي على ذلك بقوله: يكفى أن يقول وزير خارجية أمريكا لنظيره الخليجى إن الإخوان خطر عليكم كعائلة مالكة ليعلن الخليج عداءه لمصر سرا وعلنا .. وهذ أيضا ما حدث .. والجنرالات فى كل الأحوال كانوا لا يفضلون السير فى ركاب الإخوان.
واختتم مقاله جازما ان الإخوان ومن معهم لم يخسروا كل شىء ولم يكسب الانقلابيون بعد أى شىء، هذا هو الواقع، لا يزال الإسلاميون قادرين على الحشد بأعداد كبيرة وفى أماكن تغطى مصر، والعالم يرى ما يحدث لا ما يفرضه الانقلابيون على مؤيديهم كأمر واقع.
والسؤال الأخير الذي يردد الجميع .. هل من الممكن أن يعود مرسى؟
لن يصمد الانقلاب أمام عزلة دولية ولا أمام أزمة اقتصادية ولو بألف كذبة إعلامية، والمهم هنا .. هل سيصمد الإسلاميون على حشودهم ومطالبهم ؟ هنا فقط يمكن أن نقول إن عودة مرسى ليست أمرا مستبعدا، ولكن ذلك لن يحدث دون صفقة، ولا أقول مبادرة، فخلف كل مبادرة صفقة، ونتمنى ذلك، فمزيد من الدماء سيزيد الوضع تعقيدا لا محالة.
يذكر ان أفرام تشومسكي هو أستاذ لسانيات وفيلسوف أمريكي، بالاضافة الى انه مؤرخ وناقد وناشط سياسي، ويعمل استاذا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا منذ اكثر من 50 عام، و كتب تشومسكي عن الحروب والسياسة ووسائل الإعلام وهو مؤلف لأكثر من 100 كتاب، وحصل على لقب أبرز مثقفي العالم في استطلاع للرأي عام 2005