الفن الشعبي والتراث العربي منتديات نور الصباح
والتراث العربى غنى بالفنون الشعبية فى الادب والغناء والموسيقى والفنون التشكيلية والزخرفية هذه الفنون تكشف عن قدرات ومهارات الفنان الشعبى الذى كان ينفذها فى يسر وبساطة وكان
الفن الشعبى هو التيار الصحى الذى تحتفظ الجماهير العريضة من خلاله بضميرها الفنى
، وحسها الجمالى وبخاصة عندما تضعف الدولة وتنحسر عنها قدراتها الابداعية فى فنون الحاكمين
وقد حدث هذا فى تاريخ مصر اكثر من مرة حيث اختفت رصانة الفن الرسمى فى الدولة القديمة بعد الاسرة السادسة ، وفى الدولة الوسطى بعد الاسرة الثالثة عشر ، وفى العصر المصرى القديم المتاخر وفى اغلب فترات الفن القبطى ايام الحكم الرومانى ، وبعد غزو الاتراك لمصر ، وفى هذه الفترات تقل سطوة التقاليد الفنية الرسمية القاسية ، وتزداد طلاقة الرسوم والتماثيل التى تقترب من الفنون الشعبية
ودائما نرى ان الفن الشعبى يتجه الى الاعتزاز بالبطولة وتمجيدها ، واعتبار ابطال القصص الشعبيةهم المثل العليا لكل شاب ، وكانت قصص ابو زيد الهلالى وعنترة بن شداد ، والفارس منهما يمتطى جواده وقد استل سيفه البتار ، نجدها رسما على جدران القهاوى الوطنية ووشما على اذرع الشباب
والتصوير الحائطى وبخاصة ما كان منه معبرا عن سفر المحمل او عودته ، وحوله الجماهير الفرحة به ، وكذلك اعمال الكليم والحصير والسلال واوانى الفخار من ازيار واباريق وقلل مزخرفة ومزينة بالاشكال الهندسية المحفورة او بالطينات الملونة ، واعمال التطريز على الملابس ، والحلى وعرائس المولد والحصان وعليه الفارس ، والقلعة وعليها الاعلام ..
كل ذلك من الفنون المتوارثة المنحدرة الينا من الاف السنين وهى تعكس اشكالا وموضوعات مستمدة ، من التراث او من الاسطورة او الحدوته او من ذكريات غامضة تسللت عبر السنوات طويلة منحدرة من جيل الى اخر نعرفها وقد لا نعرف مدلولها
وبسبب صدق واصالة الفن الشعبى فان المثقفين كانوا ولا يزالوا يسعون الى استلهامها ، ثقة من اصوله مضمونة الجذور نابعة من الارض والتقاليد المتوارثة والتراث ، ومن حاجة الانسان العادى للحياة والامن والحب
وكثيرا ما ترمز الاشكال المختلفة فى الفن الشعبى الى اسطورة وطنية او معتقد فطرى ، كما قد تشير الالوان المستعملة الى معان خاصة رمزية متصلة بالفطرة الانسانية
[light=CCCC66]وتتميز الفنون الشعبية باستخدام الخامات المحلية والوحدات التى تستمد من الطبيعة [/light]
انه من خلال دراستنا للفنون الشعبية نستطيع ان نتتبع الكثير من جذور فنونها الاصيلة التى يبدو اننا فقدنا الكثير منها بعد ان دخل على حياتنا الكثير من التعبيرات التى تفصل بين حاضر فنوننا وماضيها
وقد سبق ان ذكرنا ان مصر غنية بالفنون الشعبية التى تنبع من صميم الحياة الشعبية وتتمثل فى الرسوم التى يرسمها الفنان الشعبى على جدران المكعابد والدور ، وفى رسوم الوشم على الايدى والاذرع والصدور ، وفى العرائس متعددة الاشكال والزخارف وفى فوانيس رمضان والحلى الشعبية ، وفى الرسوم المنقوشة على الطبلة والرق والربابةوالصفارة والارغول ، كما يتميز بالاثاث الشعبى فى جهاز العروس وبالصندوق الخشبى المزخرف والاسرة والمرايا المزخرفة ، هذه الفنون منحدرة الينا من الماضى ، ويضيف اليها الفنان الشعبى بين وقت واخر بعض المبتكرات الجديدة ، وقد يتحرر من بعض التقاليد والوحدات القديمة ، وقد يرتفع مستوى بعض هذه الفنون وقد يتدهور متاثرا فى ذلك باحتياجات الحياة المتغيرة باستمرار وقد اختفى الكثير من فنونها الشعبية اغراقنا فى تقاليد المودات الوافدة
بعض خصائص الفنون الشعبية
الفن الشعبى فن جمالى لا يعرف الفردية لانه فن الجماهير العريضة ، والفنان الشعبى لا يتناول سوى الموضوعات التى يعرفها معرفة متوارثة ، وتتجاوب مع احتياجات المجتمع الذى يعيش فيه ، فالرسم عند الفنان الشعبى يمثل واقعا عقليا اكثر مما يمثل بصريا ،كذلك فان الرسم تعريف للامور بواسطة الرسم كبديل للكلام ، وهو يوضح فى صورة واحدة مجموعة مشاهد كانما يحكى قصة ، كما انه يرسم الاشياء المرئية وغير المرئية ما دام غير المرئى معروف ، كما ان الفن الشعبى لا يعترف بقواعد المنظور
الفن الشعبى الريفى
للريف والحياة الزراعية مقوماتها الاجتماعية والعملية ، ولها اسلوبها الخاص فى العمل والانتاج ولها ادواتها ، والمعروف ان الزراعة عمل موسمى لا يستغرق كل وقت الفلاح على مدار السنة ، بل هناك ايام لا يكون فيها عمل يذكر ، ومن خلال هذا يبرز الفن الشعبى الريفى من جماهير الفلاحين
ويتميز الريف بالحياة الاجتماعية فى صورتها الطبيعية والتى قوامها التكافل الاجتماعى والمشاركة العاطفية فى كل ما يمر بحياة الناس من افراح واتراح ، ومن هنا كان احساس الفنان الشعبى الريفى باحساس الجماعة هو احساس طبيعى نابع من نظام المجتمع وتقاليده ، كما ان حياة الفلاح فى حد ذاتها تعتمد على الرؤية والتامل اليومى لاحوال الحيوان والنبات والارض والسماء ، تامل مرتبط بالعمليات الزراعية وضرورة متابعة كل ما يطرا ، من تغير او نمو ، على النبات و الحيوان والجو ، كما ان الايمان الذى تعكسه الحياة الزراعية (يلقى الحب ويرجو الثمار من الرب ) يجعل للاعياد والاعتبارات الدينية والذكريات القديمة اثر واضح فى منتجات الفنان الشعبى الريفى
ويعتمد الفنان الشعبى الريفى فى زخرفة منتجاته على عنصرين الاول الوحدات الهندسية البسيطة ، ويغلب ان تستعمل فى المنتجات التى تفرض صناعتها والخامة المستعملة فيها هذه الوحدات اى ان الزخارف العضوية البسيطة التى تعتمد على خطوط منحنية لينة قليلة ايضا كفرع صغير او ازهار بسيطة التركيب او حركة امواج المياه ورجرجتها
والمبانى الريفية مبانى شعبية حيث تبنى المنازل بالطوب اللبن وتبيض باللون الابيض او الازرق السماوى ويرسم على الجدران الواجهة المناظر التى تهم صاحب المنزل او تسجل حدثا هاما كالزواج او الطهور او الحج الى بيت الله الحرام
وكانت نجارة المنازل من ابواب ونوافذ تزخرف بزخارف بسيطة هندسية ولكنها غاية فى الصدق والجمال والتوافق مع الخامة والوظيفة وفى كثير من الاحيان كانت تدهن بالوان ساطعة ومن قطع الاثاث الهامة فى الريف صندوق العروسة وهو بديل لدولاب الملابس وقد انحدر هذا الصندوق منذ قدماء المصريين ، ويزخرف صندوق الملابس بزخارف هندسية ملونة او مرسومة على صفيح يقص ويثبت على الصندوق
ومن اهم الصناعات الريفية الشعبية صناعة الفخار حيث تتوافر الطينات الصالحة له فى اماكن كثيرة كما ان الاوانى الفخارية تغطى نسبة كبيرة من احتياجات منزل الفلاح ( القلة والابريق والزير والجرة والمترد والطاجن والماجور ) وقد وصل الحس الجمالى الريفى الى درجة وصلت الى درجة زخرفة شباك القلة وبدنها وزخرفة جسم الزير كما زجج الصانع الشعبى الريفى بعض هذه المنتجات
الازياء الشعبية الريفية
درج الكثير من الفلاحين على غزل الصوف والقطن بمغازل يدوية ثم نسجه فى مناسج محلية توطئة لصنع ملابسه وهناك انواع من الملابس لابد ان يقوم الفلاح بنسجها كالبشت : وهو قميص طويل بلا اكمام من الصوف السميك بالوانهالطبيعية وزخارفة عبارة عن خطوط عريضة طويلة بلون طبيعى داكن
اما ازياء المراءة فهى الملابس الفضفاضة الطويلة ويزخرف الصدر والاكمام ودائرة الذيل بالتطريز او الخرز الملون بوحدات هندسية بسيطة او تزخرف هذه الاجزاء بقماش من لون اخر ولعل هذا الاسلوب الشائع فى الريف المصرى اما ملابس الاعراب فى صحارى مصر الشرقية والغربية فملابس السيدات اكثر غزارة ويغلب ان يكون القماش الملابس اسود والزخارف عليه بالوان حمراء وصفراء وخضراء
الحلى الشعبية الريفية
والميل الى التزين طبيعة فى الانسان والمطلوب من وحدات الزينة ان تلفت النظر سواء بسبب اللون او الشكل او الصوت وكل هذه العناصر محققة فى الحلى الشعبية الريفية ولا شك اننا نستطيع انم نجد علاقة من حيث الشكل بين الكردان المصرى الشعبى المشهور وبين القلادة الفرعونية التى كانت تغطى الصدر ويغلب ان تكون مكونة من صفوف الخرز الملون او صفائح الذهب المشغول المرصع كما ان (الغوايش ) والخلاخيل الى جانب انها محلاة بزخارف الا انها تحدث صوتا اثناء الحركة فى العمل او فى السير كما ان الحلقان الطويلة تؤكد طول الرقبة واغلب زخارف الحلى هندسية قوامها الخطوط والمثلثات ويغلب ان تكون مشغولة بخيوط رفيعة من المعدن ( ذهب او فضة ) وتسمى ( شفتشى )
الكليم والحصير
وتزدهر صناعة الكليم فى الاماكن التى يتوافر فيها صوف الاغنام الجيد مثل اسيوط وسيوه وتصنع فيها السجاد والاكلمة ذات الزخارف الهندسية بالوان الصوف الطبيعية التى تتدرج بين اللون الابيض والاسود او المصبوغة بالالوان وتستعمل الاكلمة استعمالات كثيرة منها الفرش على الارض وعلى الكنب وعلى الاسرة كما تستعمل للغطاء فى الشتاء
وتصنع البرادع والاخراج من خيوط صوفية سميكة الغزل ومصبوغة بالوان حمراء وخضراء وتزخرف البرادع والاخراج بزخارف هندسية غاية فى الجمال والابداع
ويصنع الحصير فى الاماكن التى يكثر فيها زراعة السمار كمحافظة الشرقية ويكون الحصير من لون واحد طبيعى او مزخرف بزخارف باشكال هندسية واشكال حيوانات مبسطة فى اشكال هندسية وذلك بعد صبغ شرائح السمار قبل الاستعمال
وتستعمل الالوان الحمراء والخضراء والزرقاء وزخارف الحصير لاتقل فى جمالها عن زخارف الكليم وتستعمل كمصلى صغيرة او للفرش على الارض او المصاطب داخل وخارج البيوت
صناعة الجريد
ويعتبر النخيل مصدرا هاما من مصادر الخامات الاولية اللازمة للحرف الريفية الشعبية كالليف والجريد والسعف فيصنع من الجريد الاقفاص والكراسى والاسرة والموائد الصغيرة بتصميمات جميلة ويصنع من الخوص المقاطف والمراجين والسلال والمراوح ويصبغ الخوص بالوان زاهية ويستعمل فى تجميل هذه المنتجات التى يستعملها الفلاح فى تغطية احتياجاته
صناعة الفخار
وتعتبر مصر بصفة عامة من البلاد التى يؤدى الفخار فيها وظائف حضارية متعددة وهامة بتغطية احتياجات قطاع كبير من جماهير الفلاحين والفضل فى ذلك للطينة الصالحة لعمل الفخار والتى يجلبها نهر النيل العظيم ويكاد يكون فى كل محافظة مركز هام من مراكز انتاج الفخار واهم المراكز بصفة عامة فى مصر مراكز انتاج الفخار فى مصر القديمة الفسطاط وشهرتها تمتد الى العصر الاسلامى والعصر الرومانى كما تشتهر قنا بانتاج الفخار الشعبى الذى يستعمل بصفة خاصة لحفظ المياه